في صباحٍ هادئٍ من أيام المدينة، استيقظ رامي على صوت المطر المتساقط على نافذته، لكنه لم يتعرف على المكان… ولم يتعرف على نفسه.
كان فاقدًا للذاكرة بعد حادث مؤلم، وكأن حياته قبل اليوم لم تكن موجودة.
جلس على سريره، يحاول تذكر أي شيء، أي ذكرى، لكن كل شيء كان غامضًا، مجرد صور ضبابية لا معنى لها. شعر بالضياع، وكأن العالم كله غريب.
في الطريق، التقى بفتاة تُدعى ليان، لاحظت حيرته وسألته:
"هل أنت بخير؟ يبدو أنك تائه."
ابتسم رامي، لكنه لم يذكر من هو، فقررت ليان مساعدته. أخذته إلى منزلها، وعلمته أمور الحياة اليومية، وأرشدته لتكوين روتين يساعده على استرجاع ذكرياته شيئًا فشيئًا.
مرت الأيام، وبدأ رامي يكتشف نفسه من جديد، ليس من خلال الماضي، بل من خلال أفعاله واختياراته الحالية. تعلم أن الهوية ليست فقط الذكريات، بل ما نفعله الآن، وكيف نعامل الآخرين، وكيف نزرع الخير في كل مكان نذهب إليه.
وذات يوم، بينما كان يساعد الأطفال في الحي على الدراسة، قال لنفسه:
"قد لا أتذكر من كنت، لكن يمكنني أن أكون أفضل نسخة من نفسي اليوم."
وهكذا، بدأ رامي رحلة إعادة اكتشاف الذات، ومع كل ابتسامة يزرعها، ومع كل يد يساعدها، شعر أن ذاكرته القديمة لم تُفقد، بل تحولت إلى حكمة جديدة تمنحه القوة لمواجهة المستقبل.
بقلم: عطر الزمان / يوسف المعولي