في قرية صغيرة محاطة بالجبال الخضراء، عاش فلاحٌ يُدعى سالم. كان سالم معروفًا بقلبه الطيب وحبه للأرض، لكنه كان يعاني من شوقٍ عميق لزراعة شجرةٍ تُثمر فاكهةً لم يذقها أحدٌ في القرية من قبل. في يومٍ من الأيام، وصل إلى القرية تاجرٌ غريب، يحمل في يده كيسًا صغيرًا من البذور. اقترب من سالم وقال: "هذه بذرة شجرة النور، شجرةٌ نادرة تُثمر فاكهةً تجلب السعادة لمن يأكلها، لكنها تحتاج إلى صبرٍ عظيم."

أخذ سالم البذرة بحماس، وفي اليوم التالي، زرعها في أرضه الخصبة. بدأ يسقيها يوميًا، يتحدث إليها كأنها طفلٌ صغير، وينتظر أن تُطل برأسها من التربة. لكن الأيام مرت، ثم الأسابيع، ولم يظهر شيء. بدأ أهل القرية يسخرون منه: "يا سالم، أضعت وقتك! تلك البذرة ميتة، تخلَّ عنها!" لكن سالم كان يبتسم ويقول: "الصبر مفتاح الفرج."

مرت الشهور، ومعها جاء البرد القارس، ثم الحر الشديد. ظل سالم يعتني بالبذرة، يحمي تربتها من الرياح، ويرويها حتى في أيام تعبه. كان يشعر أحيانًا باليأس، لكنه يتذكر كلام التاجر: "الصبر العظيم." في قلبه، كان يؤمن أن البذرة ليست مجرد حبة في التراب، بل وعدٌ يحتاج إلى وقتٍ ليُزهر.

بعد عامٍ كامل، وفي صباحٍ مشمس، لاحظ سالم برعمًا أخضر صغيرًا يشق التربة. قفز من الفرح، وراح يرعى البرعم كأنه كنزٌ ثمين. مرت سنوات، ونمت الشجرة، حتى أصبحت شامخة، تُظلل أرضه بأغصانها الوارفة. وفي موسم الربيع، أثمرت الشجرة فاكهة ذهبية اللون، تفوح منها رائحةٌ عجيبة. تذوقها سالم، فشعر بسعادةٍ غامرة، كأن كل لحظات صبره قد تجمعت في تلك اللقمة.

دعا سالم أهل القرية ليشاركوه الفاكهة، وكل من تذوقها شعر بنفس السعادة. توقف السخرية، وحلّت مكانها الدهشة والإعجاب. سأله أحدهم: "كيف صبرت كل هذا الوقت؟" فأجاب سالم: "الصبر ليس انتظارًا سلبيًا، بل إيمانٌ بأن كل جهدٍ صادق سيُثمر يومًا. شجرتي علّمتني أن الأمل ينبت تحت التراب، لكنه يحتاج إلى قلبٍ يؤمن ويدٍ تعمل."

ومنذ ذلك اليوم، أصبحت شجرة النور رمزًا في القرية، تذكّر الجميع بأن الصبر ليس مجرد تحمل، بل هو فنٌ يصنع المعجزات. 

بقلم: عطر الزمان / يوسف المعولي

----

اشترك الآن في قناة عطر الزمان على واتساب،
وكن قريبًا من الإلهام اليومي الذي يترك أثره في قلبك قبل يومك.

https://whatsapp.com/channel/0029Vb6EKDS1CYoOdAgXmL23