النصوص الأدبية الصبر مفتاح النور
قصص عطر الزمان قصة: الصبر والبذرة
مقالات عطر الزمان اياك والعلاقات السامة
النصوص الأدبية وجع الفراق
النصوص الأدبية نار الحسد
النصوص الأدبية الندم الذي يأتي على مهل
النصوص الأدبية العداوة التي بلا سبب
النصوص الأدبية كن رحيمًا.. فالدنيا دولاب
الجمعة, 03 أكتوبر 2025 08:07 مساءً 0 30 0
من يعرف كيف يختار معاركه .. يبقى منتصراً طوال الوقت
من يعرف كيف يختار معاركه .. يبقى منتصراً طوال الوقت

لا يكفي أن تكون قويًا لتنتصر، ولا يكفي أن تكون شجاعًا لتنجز. النبل الحقيقي يكمن في أن تعرف متى تقاتل ومتى تصمت، متى تضع جهدك ومتى تحفظه. من يعرف كيف يختار معاركه، لا يجهد نفسه في ساحات لا طائل منها، بل يوجّه طاقته نحو ما يستحق، فيبقى منتصرًا حتى في فترات الانكسار.

 

المعركة ليست دائمًا حسبة قوة واشتباكًا مباشرًا؛ أحيانًا تكون استمرارًا هادئًا في قرارٍ صحيح، أو صبرًا متأنًيا أمام استفزازٍ يبتغي هزيمتك النفسية. اختيار المعارك حكمة تُعلّمناها التجارب وتؤديها الملاحظة: أن تميز بين ما يستحق المواجهة وما يحتاج تجاهلاً، بين ما يمكن تغييره والواقع الذي لا جدوى من صدّه.

 

من يشتبك في كل خلاف صغير كمن يفرّط بمدخراته في مقامرة يومية. يخسر الطاقة، يفقد التوازن، وتذوب أهم مقومات القوة: العقل والهدوء والصبر. بينما من يختار معاركه بعناية، يحافظ على وضوح الرؤية، ويمنح نفسه فرصة البناء والتعافي. لا يعني هذا الاستسلام أو الانهزام بل نوع من الرشد: استثمار الحضور حيث يحدث الفارق الحقيقي.

 

المعارك الكبيرة تحتاج استعدادًا: استراتيجيّة، موارد نفسية، دعم من حولك، وقناعة داخلية بأن الهدف يستحق الثمن. أما المعارك التافهة فتكلفك وقتك وسمعتك وراحتك. لذلك يصبح الإنسان المنتصر هو من يمتلك قدرة التمييز بين الضوضاء والجوهر، بين الانفعال المبرّر والانفعال المهدِر.

 

في العلاقات الإنسانية، اختيار المعارك يظهر كمقياس للنضج: عندما تختار أن تتجاهل إساءة صغيرة، قد تنقذ علاقة بأكملها. وعندما تقرر أن تواجه ظلمًا واضحًا، فأنت لا تتخلى عن كرامتك فحسب، بل تؤكد حدودك وقيمك. إذن، ليست كل مواجهة ضدك تستدعي رد فعل؛ أحيانًا يكون الصمت والحكمة أقوى من ألف احتجاج.

 

في المجال العملي والمهني، من يعرف معاركه يميز المشاريع التي تضيف قيمة حقيقية من المشاريع التي تستهلكه دون مردود. يختار الفرص التي تُنمّي مهاراته وتُقوّي سُمعته، ويبتعد عن صراعات داخلية لا تعود عليه إلا بالإرهاق. هذا هو فرق المنتصر: ليس من كسب كل المعارك، بل من فوّت ما لا يستحقه وانتصر في الجوهر.

 

في النهاية، الانتصار ليس دائمًا في ساحة القتال؛ أحيانًا هو احتفاظك بسلامك، أحيانًا هو استمرارك في بناء ما تحب، وأحيانًا هو رحيلك عن معركةٍ لا تليق بك. من يعرف كيف يختار معاركه — بحكمة وصبر ورؤية — يظل منتصرًا طوال الوقت، لأن انتصاره الحقيقي هو في المحافظة على ما له قيمة، وفي عدم التفريط بما يستحق.

 

بقلم: عطر الزمان / يوسف المعولي

 

 

 

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
اختيار المعارك، حكمة، النجاح، التحكم بالعاطفة، عطر الزمان، يوسف المعولي، مقالات إلهامية، قوة القرار.

محرر المحتوى

يوسف المعولي ( عطر الزمان )
المدير العام
كاتب ومحرر

شارك وارسل تعليق

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من إرسال تعليقك