العفو ليس موقفًا عابرًا تتخذه بدافع الضعف أو اليأس، بل هو قرار واعٍ يحتاج إلى قلبٍ كبير وعقلٍ متزن. كثيرون يظنون أن الصفح خنوع، لكن الحقيقة أن العفو هو أسمى درجات القوة الإنسانية، لأنه يتطلب أن تتغلب على نفسك قبل أن تنتصر على غيرك.
حين تعفو، فأنت تختار أن تحمي قلبك من ثقل الحقد، وتمنح روحك صفاءً لا يعرفه المنتقمون. الانتقام قد يُشبع رغبة وقتية، لكنه يترك في داخلك مرارة لا تزول، أما العفو فيفتح لك بابًا للراحة والسكينة، ويجعلك أكبر من المواقف وأقوى من الجراح.
لقد علّمتنا الحياة أن من يعفو لا يخسر شيئًا، بل يكسب احترام نفسه أولًا، وراحة باله ثانيًا، وأجره عند الله ثالثًا. وربما يكون الصفح الذي قدمته اليوم هو سبب البركة التي تراها غدًا.
إن عظمة العفو ليست في تجاهل الأخطاء، بل في قدرتك على تجاوزها دون أن تسمح لها أن تُفسد إنسانيتك. فالعفو ليس ضعفًا، بل حكمة، وهو ليس تنازلًا، بل رفعة وعلو شأن.
فلنتذكر دائمًا أن العفو لا يمحو الحق، لكنه يُعلّمنا أن الحياة أوسع من أن نضيعها في تتبع الزلات، وأجمل من أن نُثقلها بالأحقاد.
بقلم: عطر الزمان / يوسف المعولي