أن تكون الابن الأكبر ليس خيارًا، بل قدرٌ يُلقى على كتفيك منذ اللحظة الأولى. تُزهر طفولتك سريعًا لتفسح المجال أمام مسؤوليات مبكرة، فتجد نفسك تمسك بزمام البيت وكأنك العمود الذي إن مال، مالت معه أركان الجميع.
هو ثقل لا يراه الكثيرون، لكنه يسكُن قلبك في كل لحظة. أن تكون الابن الأكبر يعني أن تُخفي ضعفك كي لا يضعفوا، أن تكتم دمعتك كي لا تنكسر قلوبهم، أن تبتسم وأنت في داخلك غارقٌ بالهمّ، فقط لأنهم ينتظرون منك الأمان.
ومع ذلك، يبقى الشرف أعظم من التعب؛ فأنت العصا التي يستند إليها الوالدان في خريف العمر، وأنت اليد التي تمتد لإخوتك حين يتعثرون، وأنت الجدار الذي يصدّ الرياح عن البيت.
قد لا يُدركون كم مرة ضحّيت، أو كم مرة التهمت صمتك كي لا تُثقل قلوبهم، لكنك تعلم في أعماقك أن الله اختارك لهذا الدور؛ لتكون ظلًّا يقي، وسندًا يُطمئن، وركيزة لا تسقط مهما اشتدت العواصف.
فالابن الأكبر ليس مجرد لقب، بل مسؤولية تصهر الروح وتصقلها، لتُخرِج منها أعمق معاني القوة والحب والتضحية.
بقلم: عطر الزمان / يوسف المعولي